هل هلال شهــر رمضان... ورمضان شهر
الخيــر واللمة.. شهر الرحمة والتراحم. ولكــن في مكان ما في تلك المدينة أم حزينة
باكية ترفع يدها داعية الله أن يرفع هذا البلاء عنها تدعو الله أن يسخــر لها قلوب
أولادها...جلست أمام القبلة رافعة يدها تدعو المولى والدمــوع منهمرة.. حتى اغشي
عليها فترة قليلة وفاقت وكأن هاتفا حاكى بصدرها أن تفعل هذا والله بعونها...فقررت
أن تنفذ هذا الشيء مستعينة بقوة الله عز وجل....
شقشق الصبــح أخذت الأم السائق
وتوجهت لأقرب محل زهور ودخلت وطلبت منه باقتين زهور ونسقت الباقة الأولي بتلك
الزهرات المُحببة لأبنها الكبيــر يوسف وكتبت في بطاقة الدعوة ((أخي الكبيــر
أنتظرك وأسرتك غدا لنفطــر سوياً وعفا الله عما سلف أخوك وحبيبك الصغيــر يحي))؛ووضعت
البطاقة داخــل باقة الزهــور. وبدأت تنسق الباقة الثانية بتلك الزهرات الجميلات
التي يعشقها يحي وكتبت نفس البطاقة ولكــن عكستها وجعلتها من الأخ الكبيــر(( أخــي
الصغير يحـي وابنـــي أنتظرك غداً وأسرتك لنفطــر سوياً؛ ولا يمكن أن أزعل منك
مهما صدر أخوك وأبيك يوســف)) وحددت الأم مكان اللقاء ذلك المكان المعشوق للأخوين؛
وطلبت من صاحب المحل أن يُرسل الباقتين وتركت له العناوين؛ وذهبت وحجزت طاولة
كبيــرة في المكان المختــار لتسع الجميــع وحددت الأصناف للشيف كل الأصناف المُحببة
لكل فرد صغيــراً وكبيــراً... ثم عادت للمنزل ولم تخبر أحداً عن رحلتها. وجلست
تنتظر رد فعل أولادها عندما تصلهم باقات الزهور؛؛ ورن جرس الهاتف ابتسمت الأم
وقالت: أكيد هذا (يوسف أو يحي)؛ رددت فوجدته يوسف وصوته سعيد وأخبرها أنه استلم
اليوم باقة زهور من زهوره المفضلة وبداخلها بطاقة دعوة علي الإفطار وقال: لها
تخيلي من المرسل؟؟ أنه يحي يا أمي.. فقالت: وأنا أيضا جاءتني باقة منه بدعوة أيضا,
وأكيد سنذهب يا أبني.. رد يوسف وقال: أكيد يا أمي.. أغلقت السماعة...
ورن الهاتف ورددت وجدته يحي وقال: كنتي
مشغولة مـع من؟ قالت مع نصفك, ضحك وقال: أرسل لي باقة زهور ودعوة للحضور أنا
وأسرتي وفرحت بالباقة وخصوصا أنها من زهراتي المُحببة لي؛ وقالت: وأنا أيضا أخوك
أرسل لي دعوة وباقة؛ ونلتقي هناك يا ولدي وسيكــون يوما رائعا بل يوما دافئ بالود
والحــب وأغلقت السماعة وقلبها يرجف فرحا وتتسارع دقات قلبها وتتمني مرور الوقت
وتجتمــع وأولادها وأحفادها بعد مــدة انقطاع.
وجاء موعد الإفطار الأسري وكانت
حريصة أن تكون هي أول الحاضرين لتستقبل أولادها وتذيب جبل الثلــج وتأخذهم سويا
للطاولة؛ وبالفعل وصل يوسف وأسرته ثم يحي وأسرته؛وعندما رأوا بعضهم جروا وارتموا
في أحضان بعض والحنين,الحنانوالود أنهى
علي الفتور والزعل.. وجلسوا جميعا الأم والأخوين وأولادهم وزوجاتهم وانطلق مدفع
الإفطار وآذن المؤذنوأمسكت الأم بالتمرة
وقبلها قالت: رددوا ورائي بهذا الدعاء......
اللهم ربي سلمتك قلبي وروحي ونفسي
نقني وعائلتي من الغل والحقد..اللهم ربي أنزل سكينتك ورحمتك علي وعلى جمعنا الجميل...اللهم
ربي أرزقنا الإيمان والإخلاص والحب وباعد بيننا وبين الفرقة والتشتت... اللهم ألف
بيننا ووحد شملنا وشتت عدونا...اللهم أمــــــــين...اللهم أمــــــــين....اللهم
أمــــــــين.
وبدأ الجمع في الفطور وعلت الضحكات
وزال الزعل وسوء الفهم والظن وقاموا الأحفاد باللعب ومــر الوقت ولم يشعروا به
والجميع سر وسعد وفرح كعادتهم ولمتهم مــع أمهم... إلي أن جاء ميعاد السحــور؛
فقرروا التسحر مع بعضهم, ويصلوا وصلاة الفجر... ووعدوا أمهم أنهم يكرروا هذا اليوم.
وعادت الأم مرتاحة النفس ومسرورة
وهادئة القلب وشكرت الرب أنه ألف بين قلبي أولادها؛ ومرت الأعوام والأيام ولم يعرف
أحدا منهم سر الباقة والعزومة وظل كل أخ بظنه أن أخوه من بدأ بالصلح... ما أعظمك
أم..
"ومن هذا اليوم المبارك لم
يفترقا الأخوين ولا أمهم وكانت باقة الورد سحر وسر"
0 تعليقات